الاستثمار في العملات الرقمية حلال 2022

الاستثمار في العملات الرقمية حلال 2022

الاستثمار في العملات الرقمية حلال

الاستثمار في العملات الرقمية حلال

الاستثمار في العملات الرقمية حلال

أثارت النقود الرقمية “البتكوين” (Bitcoin) ضجة كبيرة مؤخراً في الأوساط الشرعية والقانونية والسياسية، وقد هدفت هذه الدراسة إلى بحث المسألة من المنظور الاقتصادي والشرعي بطريقة علمية دقيقة، وتوصلت الدراسة إلى أن الإسلام لم يشترط شكلاً معيناً للنقود، وإنما أكد على ضرورة تحقيق وظائفها بشكل كامل، وبالرجوع إلى المعايير الاقتصادية الضابطة لكفاءة النقد تبين أن البتكوين لم تُحصِّل شروط الكفاءة النقدية، وتوصلت الدراسة أيضاً إلى أن الموقف الفقهي من البتكوين إذ يمنع تعدينها والتعامل بها، فإنه لا يمنع من وجود نقود رقمية تحقق شروط الكفاءة النقدية، وأوصت الدراسة بضرورة وجود عملات رقمية تصدر من سلطات مركزية.

فإن الثورة الرقمية التي نعيشها اليوم تعتبر من أبرز مظاهر التطور العلمي الذي مرّ على تاريخ البشرية؛ فقد سهلت التكنولوجيا الرقمية انتقال المعلومات بين العالم بشكل سريع وآمن، حتى جعل العالم كقرية صغيرة.

ويعدّ التطور في وسائل الدفع الرقمية أو ما يسمى بالنقود الرقمية أبرز تطور شهدته الثورة الرقمية، مما ساعد على اختصار كثير من العمليات التقليدية التي تطلبها البنوك من حضور للمودع وإيداع مبالغ نقدية في الحساب، إضافة إلى توفير بعض التكاليف التي تتطلبها عمليات الإيداع والحوالة والصرف.

ومن أبرز النقود الرقمية التي ظهرت “البتكوين” (Bitcoin)، والتي أثارت ضجة كبيرة مؤخراً، واختلفت آراء أهل الفقه والقانون والاقتصاد حولها، مما سبّب تناقضاً في الفتاوى واضطراباً في التشريعات الدولية.

ويهدف الباحث إلى دراسة “البتكوين” في المنظور الاقتصادي والشرعي بطريقة علمية دقيقة.

المطلب الأول: عرض الاتجاهات المعاصرة في حكم البتكوين

تقتضي الأمانة العلمية في دراسة المسائل المستحدثة عرض الآراء العلمية المتعلقة بالمسألة، ولأن الآراء قد تكثر وبعضها قد يكون اجتهادات فردية، فسيكتفي الباحث بعرض الفتاوى الجماعية لأهميتها ورواجها، وفيما يأتي بيان لأهم الفتاوى التي صدرت بخصوص البتكوين:

أولاً: فتوى رئاسة الشؤون الدينية التركية

تعتبر رئاسة الشؤون الدينية التركية أول مؤسسة شرعية تصدر فتوى في موضوع البتكوين، وقد ورد في مقدمة الفتوى “من المعروف أن هذه العملات المشفرة ليست تحت سلطة مركزية، وبالتالي فإنها لا تقع تحت ضمانة الدولة, وفي هذا السياق فإنه يمكن استعمالها في عمليات المضاربة وغسيل الأموال, مما يجعل من غير المناسب التعامل بها”، وعللت الفتوى حكم التحريم بكونها لم تصدر عن جهة حكومية وارتباطها بأعمال غير مشروعة والمضاربات التي تجري عليها.

ثانياً: فتوى دار الإفتاء الفلسطينية

وأما دار الإفتاء الفلسطينية فكانت فتواها أكثر تفصيلاً من الفتوى التركية؛ حيث جاء في مقدمة الفتوى تعريف البتكوين وشرح عن عملية التعدين وخصائص البتكوين، ورأت الفتوى أن البتكوين لم يتوافر فيها شروط النقد الشرعي؛ بسبب وجود فروق بين البتكوين والنقد الشرعي، فيجب أن يكون النقد الشرعي قد صدر عن سلطة معلومة لا مجهولة، كما يجب أن يكون النقد الشرعي مقياساً عاماً للسلع والخدمات، والبتكوين لم تعترف به أكثر المؤسسات.

ثم عرضت الفتوى للحكم الشرعي بناء على ما سبق؛ حيث جاء في نهاية الفتوى ما نصه: “يرى مجلس الإفتاء الأعلى تحريم تعدين البتكوين… لاحتوائه على الغرر الفاحش، وتضمنه معنى المقامرة، كما لا يجوز بيعه ولا شراؤه، لأنه ما زال عملة مجهولة المصدر، ولا ضامن لها، ولأنها شديدة التقلب، والمخاطرة، والتأثر بالسطو على مفاتيحها، ولأنها تتيح مجالاً كبيراً للنصب والاحتيال والمخادعات… فلا يجوز التعامل بها لا تعديناً ولا بيعاً ولا شراءً”.

ثالثاً: فتوى دار الإفتاء المصرية

جاءت فتوى دار الإفتاء المصرية مطولة أكثر من سابقتيها، كما تميزت بالاستعانة بآراء أهل الخبرة والاقتصاد، وكان التخريج الفقهي فيها غنياً، وقد جاء في نصّ الفتوى بعد استعراض أهم السلبيات الاقتصادية للبتكوين ما نصه: “وعلى هذا لم تتوفر في عملة “البتكوين” الشروطُ والضوابطُ اللازمةُ في اعتبار العملة وتداولها…، هذا بالإضافة إلى أن التعامُلَ بهذه العملة يترتَّبُ عليه أضرارٌ شديدةٌ ومخاطرُ عاليةٌ؛ لاشتماله على الغرر والضَّرر في أشدِّ صورهما”.

وورد في نهاية الفتوى: “وبناءً على ذلك: فلا يجوز شرعًا تداول عملة “البتكوين” والتعامل من خلالها بالبيعِ والشراءِ والإجارةِ وغيرها، بل يُمنع من الاشتراكِ فيها؛ لعدمِ اعتبارِها كوسيطٍ مقبولٍ للتبادلِ من الجهاتِ المخُتصَّةِ، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ في مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، فضلًا عما تؤدي إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول”.

رابعاً: بيان البتكوين الصادر عن مجموعة الاقتصاد الإسلامي على الواتس

تعتبر مجموعة الاقتصاد الإسلامي على الواتس مجموعة حوارية تتناقش في كثير من مسائل الاقتصاد الإسلامي، وتضم مجموعة من المتخصصين في الاقتصاد الإسلامي من مختلف أطراف العالم، ولم يستهدف بيان البتكوين إصدار فتوى، وإنما كان القصد تحرير محل النزاع في الموضوع، وقد انتقى الباحث هذا البيان وضمه إلى الفتاوى الجماعية السابقة لأهميته وشهرته.

جاء البيان في ثلاثين صفحة تقريباً، مستعرضاً في البداية الأوصاف الفنية للبتكوين بصورة دقيقة وموضوعية، كما استعرض البيان الفتاوى الرسمية الصادرة في الموضوع، ثم انتهى بخلاصة الأوصاف الشرعية المؤثرة في حكم البتكوين، حيث حصر القائمون على البيان أهم الأوصاف المؤثرة في حكم البتكوين في الآتي: جهالة المصدر، وجهالة مستقبل العملة، وغياب جهة الإصدار أو الجهة الضامنة، وجهات التنظيم والرقابة من قبل الحكومة، وكثرة المضاربات وعدم الاستقرار النسبي في القيمة، وكثرة الاستعمالات غير القانونية، وعدم تحقق الماليَّة والنَّقدية والثَّمنيَّة في البتكوين في الواقع.

وانتهى القائمون على البيان إلى رأيين:

القول الأول : يرى أن الأوصاف المؤثرة السابقة هي مناط الحكم الكلي للتحريم.

القول الثاني : يرى أن البتكوين قد حققت مناط النقدية باعتبار ما آلت إليه في الواقع من القدرة على تملك العملات، وتحقيق وظائف النقود في الجملة رغم عدم إصدارها من جهة حكومية، ولا يوجد حدّ شرعي أو اقتصادي يمنع ذلك، وأنّ الأوصاف المؤثرة السابقة خارجة عن ماهية البتكوين ولكلّ واحد منها حكم جزئيّ، والذي يظهر من متابعة البيان المذكور أنه كان أميل إلى القول بالجواز.

وبعد العرض السابق لأهم الفتاوى الجماعية في موضوع البتكوين، سيقوم الباحث بإبداء رأيه بخصوص موقف الفقه الإسلامي من البتكوين.

إقرأ أيضاً :  حكم البيتكوين حلال ولا حرام